جديد المدونة
Loading...
الجمعة، 7 مارس 2014


    

            المعابد فى مصر القديمة
واهم الإضافات والمميزات التي ألحقت بها فى  عصر الدولة الحديثة
بقلم
 محمود محمد مندراوى 
مفتش آثار المنيا 

مقدمة
تعتبر المعابد شيئا هاما فى فن العمارة المصرية لم عرف عن المصريين القدماء حبهم للآلهة وحبهم للتدين، فكما هو معروف بأن الشعب المصري متدين بطبيعته، وكما قال المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت وقبل5 قرون من ميلاد السيد المسيح عليه السلام متعجبا من تدين المجتمع المصرى
(لم أجد شعبا يحب إلهه  ودينه كما وجدت المصريين)
وكانت المعابد تسمى بيت الإله أو تسمى باسم الملك الذي شيد له المعبد .

وقبل أن نتحدث عن المعابد فى عصر الدولة الحديثة وعن التطورات والتصاميم والأشكال التى أدخلت عليها ،لابد لنا أن نأخذ لمحة تاريخية وفنية عن تطور المقابر من العصر الحجري مرورا بالدولة القديمة فالدولة الوسطى ،لكى نستطيع أن نعرف الغرض من بنائها، وان نربط ونقارن بين المعابد فى العصور المختلفة وكيف تطورت وكيف حدثت الإضافات.

تعريف المعابد  والغرض منها:
 بنيت المعابد لعبادة وتقديس وتكريم الإله وتقديم القرابين والهبات لها  وإقامة الطقوس والصلوات، التى أعتبرها المصري القديم هي حماية  للمعبودات ،وتعطيهم الأزلية والأبدية ،مما سيعود بالتبعية على الإنسان الذى يقيم هذه الشعائر والحاضر لها ،الى جانب احتفال الملك فيها بالمناسبات الخاصة، مثل تتويجه ملكاً على مصر أو عيد السد والأعياد الجنائزية والدينية ،حيث إذا رفعت و  علقت الرايات والأعلام  فهذا دليل على وجود احتفال فى المعبد .
وكانت عبارة عن مباني مغلقة يأتي إليها الناس فى المناسبات الخاصة بالمئات والآلف كالأعياد الدينية وحفلات تتويج الملك كما ذكرنا .
وكانت أيضا هى مكان للتواصل بين الآلهة والناس يعترفون بالخطيئة ويستغفرون ،ويتوسلون إليهم طالبين الرحمة، أو طالبين أشياء دنيوية كالولد والمال والجاه، وكانت أيضا ضمانا لاستمرار عقيدتهم .
من اجل ذلك عمد المصريين على أقامة المعبد فى جميع أنحاء مصر، حيث لم تخلوا قرية تقريباً إلا وفيها معبد تتواصل به الناس  مع الآلهة، حتى أن المعابد وصلت إلى قمة الجبال العالية لخدمة عمال المحاجر، كما يلاحظ هذا على مقصورة الإلهة حتحور فى مدينة سمالوط بالمنيا، حيث خصصت تلك المقصورة لعبادة الإلهة حتحور ،وهى ربه المحاجر عند القدماء المصريين، إلى جانب الأمومة  التي كانت تمثلها تلك المعبودة ،وتوجد تلك المقصور بجوار المقاطع الأثرية والتي هى عبارة عن محاجر كان يأخذ منها المصري القديم الحجر الجيري لتشييد مقابره ومعابده. وهذه المنطقة أشتهرت باسم(محاجر المرمر ) عند المصري القديم وذلك بسبب جودة الأحجار المستخرجة من جبالها .

أنواع المعابد فى مصر القديمة:
كانت المعابد فى مصر القديمة تنقسم إلى نوعين معبد خاصة بآلهة  والمعبودات المصرية القديمة ومعابد جنائزية خاصة بالملوك .
أولا المعابد الإلهية:
وهى معابد قام ببنائه مجموعة كبير من الناس بأمر من الحاكم، وكان المهندس الذى يشرف على بناء تلك المعابد يكرم من الملك ويخلد ذكره، وكان عند الانتهاء من التشييد والبناء تقام احتفالية كبيرة، يحضرها الملك ،تعلق فيها الرايات على المعابد على البرجين المتواجدين فى مدخل المعبد ،وتقام الاحتفالات وتقام حفلات الموسيقى والغناء والرقص والألعاب، وتذبح القرابين وتقام الموائد والتى كان يكثر فيها شرب النبيذ وأكل لحوم الأضاحي.
ثانيا المعابد الجنائزية:
وهى معابد أمر ببنائها الملوك لكى تلحق بمقبرة الملك الأمر ببناء المعبد ،وذلك لكى يضمن ذلك الملك استمرار تقديم القرابين بعد موته وتلاوة الصلوات والأدعية التي تساعده فى العالم الأخر، وفيها تجتمع عائلة الملك فى الأعياد والمناسبات الخاصة ويقدمون القرابين والأضاحي  .
وكان يربط بين هذا المعبد والمقبرة طريق يسمى الطريق الصاعد ،وهو طريق عريض مرصوف بالأحجار  وكانت تسير فيه الجنازة الملكية والكهنة وهم يرددوا الشعائر والترانيم ويطلقون البخور.
                                        معبد الوادى الخاص بالملك خوفو


وفيما يلي شكل المعابد فى العصور التاريخية التى سبقت عصر الدولة الحديثة .

معابد ما قبل الأسرات
وقد مرت عمارة المعابد إلى عدة مراحل ،فمما لا شك فيه أن المصري القديم قبل الأسرات عرف الآلهة وبني لها المعابد ،ولكن لم يصل إلينا منها شئ ،لأنها كانت تقام على مواد بسيطة كالطوب اللبن والأخشاب التى تتحلل بمرور الزمان ،وعدل بنائها وتصميمها  كثيراً لهذا يصعب علينا وصفها ، وكل ما نعرفه عن تلك المعابد فى هذه الفترة الزمنية السحيقة جداً أنها كانت تبنى على واجهات معينة دون غيرها ،مثل هليوبوليس، وطيبة، وأبيدوس، وغيرها من المدن التي كانت مقر الآلهة المصرية .

معابد الدولة القديمة :
أما معابد الدولة القديمة والدولة الوسطى فقد باد معظمها ولم يبقى منه إلا القليل،
وكانت عبارة عن محاريب يسكنها الإله ،ويحفظ بجانبه أدوات العبادة الخاصة به وكل ما كان يملك من ذخائر ثمينة .
 وأشهر معابد الدولة القديمة معبد إلهه الشمس والذي بناه الملك (نى أوسر رع) من ملوك الأسرة الخامسة بأبي جراب بالقرب من أبو صير حالياً . 

                                       

 إلى جانب معابد الأهرامات في هضبة الجيزة والتي وضحت لنا مدى جمال المعابد فى عصر الدولة القديمة ،وكيف كان تصميمها وشكلها .
وكانت تتميز تلك المعابد أنها قريبة جداً من الأهرامات ،والتي كانت مقابر لملوك الدولة القديمة، وذلك لضمان استمرار تقديم القرابين باسم المعبود للميت ،وكان يربط بين تلك المعابد والهرم طريق يسمى الطريق الصاعد كان يرصف بالأحجار .
مقابر الدولة الوسطى :
أما في الدولة الوسطى فمعظم المعابد مهدمة خربة لم يبقى منها إلا أساسات ،باستثناء   معبد أمنمحيت  فى هوارة بالفيوم والمعروف بالابرنت ومعبد منتوحتب الثالث بالدير البحرى فى الأقصر وغير ذلك لا نعرف عن معابد تلك الفترة الكثير .
ولكن تميزت المعابد فى الدولة الوسطى بأن ملوكها قد أمروا بإعادة ترميم وبناء معابد الدولة القديمة وبناء معابد جديدة أيضا.
ومن المرجح أن عمارة المعابد في عصر الدولة الوسطى  قد أخذ  طفرة من التطور كبيرة جداً، مثلها مثل باقى الفنون فى تلك الفترة والتى تميزت بالاستقرار التام  ،وعرف أيضا عن معابد تلك الفترة أنها كانت كبيرة جداً وجميلة، تزين  جميع الجدران بالنقوش والرسوم الملونة بألوان بديعة ،ودليلنا على هذا المثلات العظيمة التى كانت تقام أمام تلك المعابد ،والتى تدل على مدى روعتها وكبر حجمها .
وأهم ما يميز الدولة الوسطى بدء انتشار المعابد الجنائزية، ومن اهم هذه المعابد   التي أقامها ملوك الأمنمحيت والسنوسرت فى معبد الكرنك تكريماً للمعبود آمون ،فكانت نواه للمباني التى  تنافس من بعدهم الملوك فى أقامتها فى هذه الجهة.

معابد الدولة الحديثة
أما معابد الدولة الحديثة وتطورها وهو موضوع بحثنا ،والتى سوف نتحدث عنها بتفصيل أكثر دقة فيما يلي،  والتى لا تزال موجودة إلى الآن ،تشهد على عظمة تطور تصاميم تلك المعبد فى تلك الفترة الزمنية ،والتى وصلت فيها الإمبراطورية المصرية إلى أوسع مدى لها ،حيث أنها بلغت العراق شرقاص وليبيا غرباً والشلال الثانى جنوباً وجزيرة تكريت شمالاً، مما جعل مصر فى رخاء بسبب الجزية التى كانت تفرض على تلك الممالك الخاضعة للدولة المصرية، والذى عاد بطبيعة الحال بالرخاء على الشعب المصرى حكاماً وشعباً، والذين عرفوا وعلى الرغم من حبهم للحياة أنهم متدينين يعملون لأخرتهم بالتقرب إلى الآلهة، كما كانوا يعتقدون بإقامة المعابد الفخمة لهم ،وتقديم القرابين فى شكل الأضاحي أو فى شكل الهبات الذهبية الثمينة  وغيره من الأشياء القيمة، إلى جانب وقف الأراضي للمعابد.
 بل أيضا دخلت تعديلات فى تصاميم المعبد بسبب كما قلنا توسع المملكة المصرية واختلاطها بفنون أخرى ،كالفن البابلى،واليونانى، والأشورى ،والفنيقى ،وغيرة من فنون الممالك التى كانت قابعة تحت حكم المملكة المصرية القديمة والتى بطبيعة الحال أثرت فى كل شئ فى الفنون بما فيها المعابد .


                                                 معبد الكرنك بالأقصر

 وفيما يلى سنتحدث بإيجاز عن المعابد فى تلك الحقبة الزمنية
أولا المميزات والتصاميم  لمعابد  عصر الدولة الحديثة:
1-               كانت المعابد المصرية فى عصر الدولة الحديثة تتميز للناظر إليها من النظرة الأولى أنها معقدة الأجزاء .
2-               بنيت المعابد من الأحجار الضخمة  .

                                      معبد حتشبسوت الأسرة 18


3-               كانت مختلفة الترتيب والنظام من حيث الملحقات التى كانت تتبع المعبد إلى جانب الحجرات الأساسية للمعبد مثل قدس الأقداس وحجرة القرابين .
4-               دخلت عليها تطورات وتغييرات وأضافت جديدة لم تكن موجودة فى معابد الدولتين القديمة والوسطى.
5-               تميزت المعابد فى عصر الدولة القديمة بضخامتها من حيث المبانى ومن حيث مساحة الأرض التى كانت تبنى عليها .
6-               تميزت بالفخامة فى النقش والرسم والدقة المتناهية فى رسوم الملوك مع المعبودات .
7-               لم يترك شبر فى حوائط المعبد إلا ووجد عليه نقشاً غائراً كان او بارزاً  وذلك لضمان استمرار النقوش دون إزالة .
8-               كثر النصوص والأناشيد الخاصة بالمعبودات وخاصتا المعبود آمون والذى أخذ نصيب الأسد من تلك الأناشيد والنصوص .
9-               زينت أسقف تلك المعبد بالرسوم المناظر البديعة.
10-          معابد الإله آتون  والذى كان ممثلا فى قرص الشمس الممتدة بالأيدي ماسكة علامة الحياة( عنج)  تميزت أنها لم يكن لها سقف وذلك لكى تصل أشعة الشمس إلى جميع أنحاء المعبد وأهبه الخير لجميع من فى المعبد وكان كلا من معبده فى تل العمارنة والأقصر من غير سقف .
11-          أختلفت معابد البر الشرقى عن معابد البر الغربى فى طيبة .
12-          معابد البر الغربى تميزت أنها معابد ذات جنائزية مثل معبد الرمسيون الذى بناه الملك رمسيس الثانى ومعبد الدير البحرى والتى بنته الملك حتشبسوت ومعبد مدينة هابو والذى بناه رمسيس الثالث ومعبد سيتى الأول بالقرنة وكل تلك المعابد خاصة بعبادة الملك المتوفى الذى كان يتحول بعد موته إلى إلهه تقم له القرابين حيث تأتى الروح وتنتفع بما يقدم لها من صلوات  وقرابين .

                                               معبد رمسيس الثانى

13-          معابد البر الشرقى معابد إلهيه  بنيت بالقرب  من  النيل مثل معبد الكرنك ومعبد الأقصر الآن الملوك تباروا على إضافة الصروح الغرف والأعمدة والتماثيل والنقوش على تلك المعبدين تقربا إلى الآلهة  مما يدل على اهتمام الملوك بالمعابد الإلهية كما اهتموا بالمعابد الجنائزية .
14-          كانت المعابد الجنائزية تتميز بكثرة نقوشها من الداخل ومن الخارج تمثل صورا للملك فى حروبه وغزواته وانتصاراته وأعماله التى قام بها فى حياته الدنيا مفتخر بها فى عالم الأموات.
15-          أنشئت تلك المعابد أيضا لتخليد ذكر الملك وأيضا تقديسا ونفعا للمعبودات خاصتا المعبود آمون رع والذ كانت عبادته مشهورة جدا ومنتشرة فى تلك العصر .
16-          لا نزاع بأن فكرة أقامة  معابد تستخدم لإقامة الأعياد للآلهة وما يتبعها من مواكب وأعياد كانت أعظم تجديد حدث فى الأسرة الثامنة عشر .
17-          هذه المعابد فى عصر الأسره18 هي أكبر وأطول من جميع العمارة المصرية وزينت ورتبت وفقاً لأنماط معينة من الرمزية الدينية.
18-          تميزت أيضا المعابد فى تلك الفترة(الأسره18) بكثرة قرابينها وهباتها بسبب التوسعات التى حدثت للمملكة المصرية نتيجة الفتوحات والتى كانت تغدق على المعبد بخيراتها الكثيرة فقد وصلت رؤس الأغنام والماشية مثلا لمعبد الكرنك ماثتين   وخمسون ألف رأس من الماشية إلى جانب الأراضي والهبات الذهبية والقيمة .
19-          وهذا بطبيعة الحال وفر  فرص عمل لعدد كبير جدا من الكهنة ومن التلاميذ ومن الخدم والموظفين القائمين على المعبد  .
20-          بسبب زيادة الاهتمام بالمعابد فى تلك الفترة أصبحت قوة الكهنة كبيرة جدا لا يستطيع الملك تنفيذ أمر ما إلا بعد الرجوع إليهم ومن هنا ظهرت دولة  كهنة أمون  فيما بعد .

 عمارة المعابد:
على الرغم من كل ما ذكرنها عن مميزات المعابد فى عصر الدولة الحديثة إلى أننا أذا دققنا النظر والتأمل فيها نجدها تأخذ فى شكلها نمط واحد تقريبا فى التصميم حيث أنها كانت تتكون من أربع أجزاء هى  :


1-الصرح
وكان يودى إلى فناء واسع عن طريق ممر عريض، وقد اصطفت على جانبي الطريق تماثيل أبو الهول على مسافات منتظمة ،مرتكزة على قواعد متجهه برأسها إلى محور الطريق ،مثل طريق الكباش الذى كان يربط معبد الأقصر بمعبد الكرنك ،وهو من أطول الطرق التى كشفت إلى الآن ، والذي يزيد طوله عن ميل وربع  وكان فى عقيدتهم أن تلك التماثيل أرواح تحرس المعبد.


                                                      طريق الكباش

وكان يحيط المعبد من جميع الجهات سور مبنى من الطوب اللبن تميز بضخامته وارتفاعه، والذى كان موقعة إلى خارج طريق التماثيل ،وهذ الصور كان له باباً عظيماً مصنوع فى اغلب الأحيان من الخشب القوى مستطيل الشكل تتخلل صناعته الزخارف والنقوش الجميلة .



                                                        سور خارجى 

وكان يحيط بهذا الباب  برجين عظيمين تتميز بارتفاعهما الشاهق ،تنحدر جوانبهما وكانت تزين تلك الأبراج بالأعلام فى الأعياد والمناسبات السعيد، كالرجوع من الحرب منتصرين والأعياد الدينية والدنيوية .


                                                       مدخل المعبد 
  
وكان على جانب الصرحين يوضع تمثالان عظيمان للملك ،مصنوعين من الحجر إلى جانب مسلتين من الجرانيت ،والتي كانت ترمز إلى إلهه الشمس راع ،ترتكز  المسلة  على قاعدة تناسب حجمها  وطولها ،وتنتهى بشكل مدبب  يشبه الإبرة، مما دعى العرب أن يسموا تلك الأشياء بالمسلة وهى ابره الخياطة  ، وكانت تنقش على تلك المثلات فى كثيرا من الأحيان  أعمال وبطولات الملك الذي قام بها فى حياته ، وكان فى بعض الأحيان توضع تماثيل أخرى أمام الصرحين .

فناء متسع على جوانبة بوكى مسقوفة:
كان يتميز الفناء انه يحيطه من ثلاث جهات بواكى مسقوفة  (أيونات ) تزين تلك البواكى وسقوفها برسومات بديعة المنظر ومتناغمة الألوان ،لصور للآلهة وبعض الأناشيد وصور أيضا للملك مع الآلهة.


                                                  الفناء وحولة البواكى                                

قاعة للأعمدة أو بهو الأعمدة:
وكانت غرفة الأعمدة عبارة عن حجرة  او ردهة عظيمة جدا تحيط بها الأعمدة من كل الجوانب تشبه الغابات حيث أنها  كانت تأخذ أشكال أحزمة البردى  ،  وفيها يجتمع الأتقياء لإقامة الشعائر، ثم يأتى من بعد ذلك بهو ذو عمد عظيمه يأتي إليها النور من نوافذ صغيرة تعلو الحوائط  .
وكان محور باب قاعة الأعمدة يقع على خط مستقيم على الطريق الخارجية .


                                                 صالة الأعمدة بالكرنك

 الهيكل (قدس الأقداس)
وكان هذا الهيكل يحيط به عدد من الغرف يصل إليه عن طريق المرور فى قاعة الأعمدة ،والتى تتميز بالظلام الدامس، بها صندوق موضوع فى الإله ومنقوش ومرسوم عليه مناظر للإله، والذى كان يخرج فى مناسبات خاصة جدا إلى بهو الأعمدة، مثل ذكرى يوم تتويج الملك أو فى الأعياد او فى تزاور الآلهة مع بعضها البعض، كما كان يفعل آمون ويخرج من معبد الأقصر ماراً بطريق الكباش ليزور زوجته آمنى وابنة خنسو  فى الكرنك الثالوث المقدس فى طيبة  وتقام الاحتفالات وتتله الصلوات وتذبح القرابين من إناث الكباش وليس ذكورها .


                               قدس الأقداس تتعامد عليه الشمس فى معبد رمسيس الثانى

وكانت حجرة قدس الأقداس هى ما يحفظ فيها جميع أدوات المعبود الخاصة بالعبادة وما يتبعها من البخور والملابس الثمينة التى كانت مخصصة للإله.
و غرفة قدس الأقداس لا يسمح لاى أحد الدخول إليها إلا كبير الكهنة، الذى يخدم الإله بنفسه، او الملك فقط دون عائلته، والتى كانت تنتظر على باب حجرت قدس الأقداس بالخارج .
ويحيط بتلك الغرفة مجموعة من الغرف الأخرى منها غرفة عرفت باسم غرفة القرابين، وتكون أقرب الغرف إلى قدس الأقداس ،وفيها تقدم القرابين للمعبود ،وكان يوجد بها مذبح خاص للإله لكى تذبح الأضاحي وتقدم للمعبود ،والذى بطبيعة الحال لا يأكل فكان يعمد الكاهن الأعظم إلى إلقاء الأكل فى النار ،وبهذا يكون أطعم الإله وأرضاه .
وأيضا كانت توجد غرف أخرى لتخزين الغلال والمواد الغذائية التى كانت تقدم للمعبود ، وهى فى الأصل يستفيد بها الكهنة والخدم القائمين على خدمة هذا المعبود فى ذلك المعبد .


مقارنة بين المعبد المصرى والأغريقى فى عصر الدولة الحديثة :
كان هناك وجه شبة بين المعبد المصرى فى الدولة الحديثة  والمعبد الأغريقى فى مدة القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد وخاصتا الأهمية البالغة التى والها الطرفين فى أقامة   الأعمدة ،وكانوا عنوناً لعصر بعينة قد تمثل فى حب التدين المتزايد المشفوع بالطموح ، إلى جانب الفخامة والضخامة  فى العمارة  والدقة فى النقوش مع كثرتها .



                                                        معبد دندرة

فالمعابد الإغريقية تتميز أنها كانت على شكل القصور، تقام على ربوه عاليه فيراه المارة من بعيد ،وتنجذب إليه الأنظار تاركاً فى النفس آثراً عظيماً من روعة البناء وفخامته، وجمال التصاميم وبخاصة  ما تضيفه عليه مجموعة الأعمدة من جمال ،
غير انه لا يترك فى النفس السرية الدينية ورهبة وعظمة الآلهة.
على العكس تماما من  المعبد المصري الذى أقيم ليبعث فى النفس الجلال الديني والغموض الخفي التي توحي به القوه الإلهية.

الإضافات التى طرئت على المعابد فى عصر الدولةالحديثة:
حدثت تغييرات وإضافات كثيرة على المعابد فى عصر الدولة الحديث ومنها ما يلى
1-بيوت الولادة :
وهذا الاسم لم تعرف بها تلك المحاريب إلى فى العصر الإغريقي و يبدؤ  فى ذلك التأثر الأغريقى بالمعابد المصرية وهى من الإضافات التى طرأت على المعابد فى عهد الدولة الحديثة ولم تكن موجودة من قبل.

 
                                                        المعبود بس

ففى عصر الأسرة التاسعة عشر ظهرت محاريب أقيمت على ما يبدو بفكرة آخري مختلفة وهذه المحاريب التى كانت تسمى فى العصر الإغريقى بيوت الولادة  كان يقام أمامها    تمثال للمعبود بس ،والذى جعل رباً للولادة عند المصري القديمة ،وقد ظهر عارى الجسد بجسم قصير متكدس ،وهذا المعبود هو من المعبودات الأفريقية التى دخلت مصر وقدست ، وكانت تقام على قاعة مرتفعة يصل إليها الإنسان بسلم يؤدى إلى داخل المحراب بواسطة بوابة محملة على عمودين ،ويودى إلى الحجر الداخلية ممشى أو  طريق فى وسط عمد تحمل السقف يستطيع الإنسان من خلالها أن يرى ما خارج المحراب .
2-الصرف على أسطح المعابد:
كانت هناك مشكلة فى المعابد المصرية وهى تكدس مياه الأمطار على الأسطح فى حال تساقط المطر  ، مما جعل مهندسين الدولة الحديثة يفكرون فى مخرج لهذه الأزمة، فبدئوا فى عمل صرف لهذه الأسقف فعملوا على تقوية الوصلات المتتابعة الموجودة بين ألواح السقف ،بحيث تمنع تسرب مياه الأمطار والسيول إلى داخل المعبد، ثم كانت تحول هذه المياه عن طريق أنابيب إلى خارج جدران المعبد،
 و من ثم أصبح من المعتاد خلال عصر الدولة الحديثة - إن لم يكن قبل ذلك - قطع مجرى أو قناة مربعة  نصفها في أحد الألواح  والنصف الثاني في لوح آخر  ثم سد هذه القناة بواسطة سدادة، أو قطعة مستطيلة من الحجر  حتى تحول دون تسرب المياه بين ألواح السطح   بدلا من وضع الملاط بين الوصلات الرأسية لألواح السطح أو تغطيتها بطبقة سميكة منه  وقد استخدمت هذه التقنية في كل من معبد الملك سيتي الأول في القرنة  ومعبد الرامسيوم للملك رعمسيس الثاني ومعبد الملك رعمسيس الثالث في الكرنك
3-زيادة عدد الغرف
فى عصر الدولة الحديثة زادت عدد الغرف الموجودة بالمعبد بشكل كبير جدا وصلت إلى عشرات الحجرات وذلك كما قلنا بسبب الرخاء الذى أنعم الله به على مصر ،بسبب الفتوحات وتوسع الدولة المصرية، فكانت الهبات والقرابين تقدم بشكل أكثر وأكبر من العصور السابقة، مما استلزم زيادة عدد الحجرات لكي يستطيع تخزين كل الهبات المقدمة للمعبد سواء كانت غلال أو مواد غذائية أو دهب وأحجار كريمة وغيرة من العطايا قيمة الثمن .
هذا وقد زاد عدد الكهنة والخدم والعبيد الذين كثر عددهم بسبب الفتوحات والذين أهداهم الملك للمعبد والموظفين القائمين على خدمة المعبد والذين كانوا يقيمون فى المعبد أقامة شبه كاملة مما استلزم زيادة الغرف لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة ولهذا السبب أيضا وهو كثرة الموارد والهبات المقدمة للمعبد جعل كهنة المعبد يظهرون بشكل قوى يؤثرون فى سياسة مصر وهذا لم يكن موجود فى المعبد القديم فقديما كان المعبد للعبادة والمباركة أما فى عصر الدولة الحديثة تحول دورة إلى ملعب سياسي كبير لدرجة أن كهنة آمون اعتلوا الحكم فى الأسرة 21 ومن هنا بدأت مصر الفرعونية يأفل نجمها ويغيب وتضعف  بمر الأيام وتنتهي الدولة الفرعونية بكل حضارتها إلى الأبد .
هذا إلى جانب غرف القرابين .

4-الأبراج والصرح الخارجي :
أهتم ملوك الدولة الحديثة ببناء الأبراج التى تحيط بالمعبد وتشديد الحراسة بها بسبب هجمات البدو من سكان الصحراء على المعابد ونهب ثروات المعابد وقد تميزت تلك الأبراج بارتفاعها وقوة جدرانها
أما الصرح الخارجى ومدخل المعبد فكان عبارة عن برجين كبيرين على شكل دائري يحيطان بباب المعبد كانت تعلق فيهما الرايات في حال الأعياد والمناسبات الخاصة مثل تتويج الملك أو رجوعه منتصرا من الغزو ومن أمام البرجين تمثالين عظيمين للملك يتميزان بكبر حجمهما وارتفاعهما الشاهق الذي يقارب ارتفاع البرجين .

5-الملحقات الأخرى الخاصة بالحيوانات والماشية:
قلنا أن فترة الرخاء التى كانت تمر بها عصر الدولة الحديثة جعل من تقديم القرابين أمراً سهلاً متاحاً للجميع فقيراً كان أم غنياً ،وأيضاً الماشية التى كانت تأتى من غنائم الحروب وكانت يستقطع جزء كبير منها للمعبد ،مما جعل للمعبد كم هائل من الماشية وقد وصل مثلا عدد الماشية من الخراف فى معبد مدينة اونو إلى أكثر من 250 ألف رأس من الغنم و70 ألف رأس من البقر إلى جانب الآلاف من الخنازير والماعز والحمير والخيل والجمال التى جاءت عن طريق غنائم الحرب فى غرب آسيا ،مما أستوجب عمل حظائر خاصة للماشية ولكن فى مكان أبعد من المعبد ،وذلك بسبب رائحة الحيوانات ومخلفاتها، ولكن كانت تابعة للمعبد يقوم على خدمتها عبيد وخدم المعبد ،ويشرف عليها بيطريين وموظفين فقد كان لكل ألف رأس موظف يشرف عليها وعلى أعدادها وتسمينها وتكاثرها .

6-الباحات :
 زاد عدد باحات الانتظار فى المعبد ، وذلك بسبب كثرة الأعداد التى كانت تتردد على المعبد يومياً وفى الأعياد، والتى كان يقدر عددهم فى الأعياد بالألف، مما أستوجب زيادة الباحات وصالات الانتظار عما 
كان عليه المعبد فى عصر الدولة القديمة والوسطى .

7-الممرات:
بسبب كثرة الغرف ،والباحات ،والصالات ،وصالات الأعمدة فى المعبد ،وزيادة الملحقات مما أدى بالتبعية غلى زيادة الممرات الموصلة لتلك الغرف والباحات ،وكانت تلك الممرات تنقش وتزين بالرسومات والصور الجميلة الملونة بألوان بديعة للآلهة وللملك ،وكانت أرضياتها ترصف بالحجر 
الجيري أو حجر الجرانيت أو خام القار .

 السطح
8- السلالم وغرف السطح:
أدخل على المعبد فى عصر الدولة الحديثة غرف السطح والسلالم الشرقية والغربية ،وكانت تستخدم فى الاحتفالات الدينية ،حيث توضع تماثيل الآلهة المحمولة فى الفناء وتقدم لها العديد من القرابين، تم تجهز فى  (وعبت ) فتدهن بالدهون وتلبس وتزين لإعدادها لعيد (الاتحاد مع قرص الشمس) ،وهذا الاحتفال يحدث فى عدة مناسبات ،ولكن بصفة خاصة فى عيد بداية العام الجديد ،  وفيه تحضر تماثيل الآلهة من سراديب المعبد إلى قاعة الـ  (وعبت)  ،حيث تلبس وتجهز برموزها ،ثم يحملها كثير من الكهنة ويصعدون على السلم الغربي إلى سقف المعبد متجهين إلى حجرة   في الركن الجنوبي الغربي، حيث يتعرضون للشمس   وهكذا يتزودون بقوة حيوية جديدة للعام الجديد، وفى النهاية تحمل التماثيل ويهبط الموكب عن طريق السلم الشرقي إلى داخل المعبد أي أن (وعبت) جزء من المسرح الذى كان تجرى عليه احتفالات بداية العام الجديد .




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
Shafer, Byron E., ed (1997). Temples of Ancient Egypt-1
2-موسوعة مصر القديمة لسليم حسن الجزء الخامس
3-تاريخ الفن المصرى القديم لمحرم كمال
4-تاريخ وآثار حضارة مصر القديمة
5 - المعبد فى عصر الدولة الحديثة فى مصر الفرعونية تنظيمة الادارى ودورة والسياسى د-بهاء الدين ابراهيم 

بحث كامل عن السحر فى مصر القديمة

بحث كامل عن الأسكندر المقدونى

بحث كامل عن مقابر بنى حسن

بحث كامل عن دير سانت كاترين

بحث كامل عن الهكسوس

9 التعليقات:

  1. نسعي ي شركة اللويمي كشف تسربات المياة بالرياض دائما نسعي الي الارتقاء والتجدد في طرق اكتشلف مكان التسريب
    https://sites.google.com/site/companywaterleaksdetection/

    ردحذف
  2. مرحبا بس ممكن اعرف المصادر الي ماخوذ منها هذا الكتاب

    ردحذف

 
جميع الحقوق محفوظة لـ الآثرى الفصيح
تركيب وتطوير | حراس الحضارة